(5) احاديث قضاء الحاجة جهة القبلة

 (5) احاديث قضاء الحاجة جهة القبلة

1
من الأحداث التاريخية المهمة والمؤثرة في التدوين الاسلامي السني هي فترة الصراع الاموي الزبيري حيث اقام عبد الله بن الزبير دولة في في الحجاز سنة 64 امتدت لمصر والعراق ثم ثم سقطت على يد الأمويين سنة 73 هجري وبرغم أن فترة دولتة كانت 9 سنوات فقط الا ان اثرها اكبر من ذلك ويمتد ل 70 عام حيث يبدأ من اعلان معاوية البيعة لابنه يزيد بولاية العهد سنة 58 هجري وغضب اهل الحجاز واعتراضهم واتمامها بالقوة مرورا بثورة الحسين 61 هجري ثم ثورة اهل المدينة وقمعها في وقعة الحرة 64 هجري ثم غزو مكة واحراقها في نفس العام قبل ان يموت يزيد ويعلن ابن الزبير نفسه خليفة ثم تنتهي دولته بغزو الأمويين للكعبة وهدمها سنة 73 هجري وبرغم سقوط الدولة ظلت حالة الغضب والثورة مستترة إلى ان حانت الفرصة فتحالف الجميع ضد الامويين ومنهم آل الزبير في الثورة العباسية واسقاط الحكم الاموي سنة 132 هجري

2
وهناك من المواضيع يمكن ادراجها تحت تأثير الصراع الزبيري الامويوهي:
الاولى : في القراءات وهو انفراد ابن عامر الشامي بقراءة مولاها على المفعول لاية القبلة بما يعني الهية قبلة اهل الكتاب وهي بيت المقدس (المسجد الاقصى)

والثانية: هو تأثير الصراع الاموي الزبيري في ظهور حديث المعازف

والثالثة : في سر احاديث قتل الوزغ وهو لقب اطلقه اهل المدينة على مروان ابن الحكم

والرابعة : في احاديث المهدي في احدى مراحل تطورها فصلت لصالح عبد الله بن الزبير

3
وتعتبر مسألة تعظيم بيت المقدس من المسائل المحورية في الصراع حيث ان الامويين عظموا بيت المقدس واعتبروه قبلة ثالثة بمنزلة مسجدي مكة والمدينة تشد اليها الرحال واعادوا بناءها .. وتخرج الاحاديث كثيرا من طريق اهل الشام في ذلك اما اهل الحجاز فكانوا لا يعترفون بذلك زمن ابن الزبير ويرون الكعبة هي القبلة الوحيدة
وتعتبر المسألة الفقهية بتحريم قضاء الحاجة جهة القبلة واحاديثها احد نواتج هذا الصراع

4
اما من جهة اهل الشام فقد حرموا استقبال القبلة واستبدارها وقت قضاء الحاجة فلا يتوجه شمالا او جنوبا لوجود قبلة بيت المقدس (المسجد الاقصى) في الشمال والكعبة في الجنوب ومنها خرج حديث التشريق والتغريب في قضاء الحاجة لتجنب استقبال بيت المقدس (المسجد الاقصى)
والحديث رواية شامية رواها البخاري من طريق الزهري عن عطاء بن يزيد عن ابي ايوب الانصاري: «إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة، ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا)
والزهري هو محمد بن شهاب هو امام الحديث الاول زمن الامويين والمقرب منهم ولد بالمدينة ثم انتقل الى الشام ومات هناك
وعطاء بن يزيد: ولد بالمدينة ثم انتقل وعاش في الشام زمن الامويين
وابو ايوب الانصاري: الصحابي هاجر الى الشام مع الامويين ثم استشهد في غزو القسطنينية زمن معاوية وكان في الجيش الذي يقوده يزيد بن معاوية وضريحه الآن باسطنبول بتركيا
وقد ادرج البخاري الحديث في صحيحة في باب عنوانه : (باب قبلة أهل المدينة وأهل الشأم والمشرق وليس في المشرق ولا في المغرب قبلة) .. فالبخاري فهم مغزى الحديث جيدا وهو ان تحريم الاستقبال والاستدبار والامر بالتشريق والتغرب مقصود به عدم التوجه لبيت المقدس تعظيما له لانه قبلة الهية مثل المسجد الحرام

5
واما اهل المدينة فحرموا الاستقبال فقط دون الاستدبار بل وخرج من طريقهم حديث غريب عن قضاء الرسول حاجته وهو متوجه جهة بيت المقدس (المسجد الاقصى)وما فيه من تحقير لقبلة اهل الشام
والرواية التي تحقر بيت المقدس ولا تعتبره قبلة مقدسة مدنية خالصة فقد رواها البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر، قال: ارتقيت فوق ظهر بيت حفصة لبعض حاجتي، فرأيت رسول الله يقضي حاجته مستدبر القبلة، مستقبل بيت المقدس .. وفي رواية مستقبل الشام
وسلسلة الحديث في البخاري الحديث هم
عبيد الله بن عمر – مدني
محمد بن يحيى بن حبان : مدني
واسع بن حبان - مدني
والحديث مروي ايضا في البخاري من اهل المدينة من طريق الامام مالك امام اهل المدينة
والرواية فيها تحقير لبيت المقدس وعدم قدسيته كقبلة ردا على تعظيم اهل الشام وتم الترميز لها بقضاء النبي حاجتة متوجها لبيت المقدس (المسجد الاقصى)

6
والخلاصة أن احاديث تحريم قضاء الحاجة جهة القبلة هي احاديث سياسة ظهرت في وقت الصراع بين الامويين في الشام واهل المدينة زمن ابن الزبير حيث كان يعظم الامويون بيت المقدس ويعتبروه قبلة مقدسة ولا يعترف اهل المدينة بذلك فخرجت احاديث تبول النبي جهة بيت المقدس (المسجد الاقصى) لبيان عدم قدسيته اما اهل الشام فردوا باحاديث التشريق والتغريب في في قضاء الحاجة وتحريم استدبار الكعبة لترسيخ فكرة قدسية بيت المقدس (المسجد الاقصى) مثل الكعبة كقبلة الهية.