(4) سر حديث ثمن الكلب

(4) سر حديث ثمن الكلب


No photo description available.

1
ورد في صحيحي البخاري ومسلم عن الصحابي ابو مسعود الأنصاري: «أن رسول الله نهى عن ثمن الكلب، ومهر البغي، وحلوان الكاهن»
وصيغة الحديث هذه هي الاشهر والأصح بحسب قواعد المحدثين وكذلك الأقدم بحسب الترتيب الزمني لكتب الحديث
وجاءت روايات اخرى تضيف على الثلاثة امور اخرى منها اجرة الحجام وعسب الفحل والواشمة وبائع الخمر

2
وجاء في تفسير الحديث مايلي:
مهر البغي: هو اجرة المومس
ثمن الكلب: هو مقابل بيع الكلب
حلوان الكاهن: هو رشوة التي تعطى للكاهن ذو السلطة الدينية نظير تمريرة بعض الامور الغير شرعية
عسب الفحل: هو الاجر الذي يأخذه صاحب ذكر البهيمة من صاحب الانثى مقابل تلقحيها
الواشمة: القائمة تزيين المرأة
الحجام: هو من يعمل بالحجامة وهي امتصاص الدم الزائد عن الجسم

3
واخذ من الحديث الحكم الفقهي عن حرمة تجارة الكلاب واستثنى بعضهم كلب الصيد واضاف الوسطيون المعاصرون كلب الحراسة

4
والحديث باجماله يتحدث في حل وحرمة المال بحسب مصدره وهو في ذلك ينطوي على اشكاليات عدة
حيث انه جمع بين امور محللة واخرى محرمة والاشكال في اكثر من ناحية:
الاولى: اذا كان الامر محرم ما الداعي للكلام على تحريم ثمنه وهو معلوم ضمنا كالخمر واجرة البغي؟
والثانية: اذا كان محلل لماذا تحرم اجرته كالحجامة وعسب الفحل ؟
والثالثة: مالرابط بين كل هؤلاء؟؟؟

5
بمقارنة نص الحديث الاصل وجد انه نقل حرفي (بدون رشوة الكاهن) لما ورد في العهد القديم في التوراة في سفر التثنية : (لا تدخل أجرة زانية ولا ثمن كلب إلى بيت الرب) تثنية 23:18
فهل هناك علاقة بين الزانية والكلب ؟
عندما تراجع شروحات وتفاسير هذا النص لدى المسيحيين واليهود تفاجئ بخلاف ذلك فما هو المعنى وفق السياق؟

6
جاء في سفر التثنية الاصحاح 23 العدد 17 و18 ما يلي:
(لا تكن زانية من بنات اسرائيل و لا يكون مابونون من بني اسرائيل ، لا تدخل اجرة زانية و لا ثمن كلب الى بيت الرب الهك عن نذر لانهما كليهما رجس لدى الرب الهك)
والمعنى هنا هو تطهير الشعب الاسرائيلي من الزانيات والمأبونين والمأبون هنا هو "اللوطي السالب" ثم تكلم عن النذور التي تقدم في الهيكل فقال لا تدخل الى بيت الرب اجر زانية ولا ثمن كلب وهنا فهم الشراح انها بمقتضى المقابلة على النص الاول يكون الكلب هنا المقصود به المأبون ويوصف بالكلب على سبيل التحقير فالمعنى لا تسمح بوجود زانيات ومابونين داخل الشعب الاسرائيلي ولا تسمح بدخول اجورهم في النذور المقدمة للهيكل

7
من السابق يفهم ان الكلب في النص التوراتي المطابق لنص الحديث لم يقصد به الحيوان ولكن يقصد به المأبون فالنص يتكلم عن المال الحرام من تجارة الجنس ولو اخدنا باقي الامور التي اضيفت على النص في المرويات الاخرى ستفاجئ انها تتوافق حول مع هذا المعنى وهي:
عسب الفحل : سيكون معناها ممهتن الدعارة الرجالي اي من يقدم الجنس للسيدات مقابل الاجر وليس على ظاهره انه اجر تلقيح ذكر الحيوان
الواشمة: وسيطة الجنس لدى النساء وذلك لطبيعة عملها وانكشاف عورات النساء لها وهو شئ معروف
الحجام: وسيط الجنس لدى الرجال خصوصا في العلاقات المثلية كما كان متعارف قديما من قيام حمامات الحجامة بتسهيل ذلك
ثمن الخمر: لارتباط الخمر بالجنس

8
ومما يدعم مسألة الاقتباس من النص التوراتي اضافة اكل الربا في بعض المرويات وستجد ان النص التالي في سفر التثنية للنص المقصود يتكلم عن الربا ونصة: ( لا تقرض اخاك بربا ربا فضة او ربا طعام او ربا شيء ما مما يقرض بربا) تثنية 23:19
وكذلك اضافة رشوة الكاهن وهي دليل على كهنة بني اسرائيل كانوا يقبلون تلك الاموال رغم علمهم بحرمة مصدرها

9
ولذلك اعتقد ان النص الاصلي للحديث كان مثل النص التوراتي يتكلم على طهارة مصدر الصدقات من منطلق "ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون" وتناول بعض الامور المتعلقة بتجارة الجنس مثل اجرة البغي واجرة المأبون واجرة الفحل وأجرة الوسيط الرجالي "الحجام" واجرة الوسيط النسائي "الواشمة"

10
والخلاصة ان حديث تحريم ثمن الكلب تم نقلة حرفيا من وصايا سفر التثنية في العهد القديم وكان المقصود به المأبون بأجر وليس الحيوان وتمت اضافة بعض الامور الاخرى المتعلقة بتجارة الجنس غير ان الرواة والشراح لاحقا لم يتفطنوا للمعنى واخدوها على ظاهرها

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

(1) بانوراما الملأ الاعلى

(10) سر حديث الشؤم في المرأة

(9) سر طلاق المكره